المدونة القانونية

 عقد العمل وفق النظام

مقدمة

عقد العمل هو الأساس الذي تنشأ به العلاقة النظامية بين صاحب العمل والعامل، وهو وثيقة تحفظ حقوق الطرفين وتحدد واجباتهما.
غير أن كثيرًا من أصحاب الأعمال أو المنشآت الصغيرة يقعون في أخطاء شكلية أو موضوعية تجعل عقودهم عرضة للنزاع أو باطلة جزئيًا أمام الجهات القضائية.
في هذا المقال سنقدّم تحليلًا نظاميًا وخطوات عملية لإبرام عقد عمل قانوني متكامل دون مخالفة لنظام العمل السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) وتعديلاته.

أولًا: التحقق من توافر أركان عقد العمل

  • نصّت المادة (50) من نظام العمل على أن عقد العمل هو:

    “كل اتفاق بين صاحب عمل وعامل يتعهد بمقتضاه العامل أن يعمل تحت إدارة صاحب العمل أو إشرافه لقاء أجر.”

    إذًا، حتى يكون العقد صحيحًا، لا بد أن تتوافر الأركان الثلاثة التالية:

    1. العمل: نشاط مشروع يلتزم العامل بأدائه.

    2. الأجر: مقابل مالي محدد بوضوح (شهري، أسبوعي، أو يومي).

    3. التبعية: أن يكون العامل تحت إشراف وتوجيه صاحب العمل.

    غياب أحد هذه الأركان يجعل العلاقة علاقة مدنية أو تعاقدية أخرى لا تخضع لنظام العمل.

ثانيًا: صياغة البنود الإلزامية وفق النظام

يجب أن يتضمن العقد البنود المنصوص عليها في المادة (52) من النظام، وأهمها:

  1. اسم صاحب العمل والعامل وجنسيتهما ومقر العمل.

  2. وصف العمل محل العقد.

  3. الأجر المتفق عليه ومزاياه.

  4. مدة العقد (محدد أو غير محدد المدة).

  5. تاريخ بدء العمل.

ويُستحسن إضافة البنود التالية لضمان وضوح العلاقة:

  • بند خاص بفترة التجربة (لا تتجاوز 90 يومًا).

  • بند الإشعار المسبق في حال الرغبة في إنهاء العقد.

  • بند السرية وعدم المنافسة عند الحاجة.

بند المرجعية النظامية التي تُفسر العقد عند النزاع (نظام العمل السعودي).

ثالثًا: مطابقة العقد مع اللائحة الداخلية

ينبغي أن تكون بنود العقد منسجمة مع اللائحة الداخلية للمنشأة والمعتمدة من وزارة الموارد البشرية، فلا يجوز مثلاً:

  • فرض خصومات غير منصوص عليها في اللائحة.

  • تحديد ساعات عمل مخالفة للنظام (8 ساعات يوميًا – 48 أسبوعيًا).

  • مخالفة أحكام الإجازات النظامية (المواد 109–112).

كل عقد يخالف اللائحة يُعد مخالفًا للنظام ويمكن للعامل الطعن فيه أمام مكتب العمل.

رابعًا: توثيق العقد إلكترونيًا

وفق قرارات وزارة الموارد البشرية، أصبح توثيق العقود إلزاميًا عبر منصة قوى (Qiwa.sa).
خطوات التوثيق الإداري الصحيحة:

  1. إدخال بيانات العامل في المنصة.

  2. تعبئة عقد العمل إلكترونيًا وفق النموذج المعتمد.

  3. توقيع الطرفين إلكترونيًا (عبر نفاذ أو البريد المسجل).

  4. حفظ نسخة إلكترونية معتمدة في سجلات المنشأة.

بهذا تضمن المنشأة إثبات العلاقة النظامية أمام الجهات الرسمية وتفادي الغرامات

خامسًا: إدارة العلاقة التعاقدية باحتراف

  • المتابعة الدورية: تحديث بيانات العقد عند تعديل الراتب أو المسمى الوظيفي.

  • توثيق المخالفات والانذارات إداريًا قبل أي جزاء.

  • الاحتفاظ بالمراسلات والتعاميم في ملف الموظف.

  • إجراء تسوية نهاية الخدمة نظاميًا عند انتهاء العلاقة.

هذه الإجراءات تجعل العقد “حيًا” وليس مجرد ورقة جامدة، وتعزز موقف صاحب العمل أمام القضاء عند أي نزاع.

خاتمة

إبرام عقد العمل ليس مجرد إجراء إداري، بل هو ضمان قانوني متبادل يعكس احترافية المنشأة واحترامها للأنظمة.
ولأن التفاصيل الصغيرة تصنع الفارق، فإن الاستعانة بمحامٍ أو مستشار قانوني قبل توقيع العقد يُعد استثمارًا يحمي المنشأة من النزاعات المستقبلية.